الكويت ترفع سن الزواج .. تغييرات قانونية كبرى لحماية المجتمع
الكويت تعتمد إصلاحات قانونية شاملة: رفع سن الزواج إلى 18 عامًا وزيادة الدية إلى 20 ألف دينار وإلغاء العذر المخفف لجرائم الشرف
تعديلات قانونية كبرى تعزز العدالة الاجتماعية وحماية الأسرة في الكويت
نشرت الجريدة الرسمية في الكويت خمسة مراسيم بقوانين تمثل إصلاحات قانونية جوهرية تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وحماية حقوق الأفراد، لا سيما المرأة والأطفال. تشمل هذه التعديلات رفع سن الزواج إلى 18 عامًا، وزيادة قيمة الدية الشرعية إلى 20 ألف دينار، بالإضافة إلى إلغاء المادة 153 من قانون الجزاء التي كانت تمنح عذرًا مخففًا لمن يرتكب جريمة قتل بدعوى "الشرف". كما تضمنت التعديلات سد ثغرات قانونية في محاكمة الوزراء وتعزيز مكافحة الفساد.
رفع سن الزواج إلى 18 عامًا لحماية الطفولة والأسرة
جاء المرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2025 ليعدل المادة 26 من قانون الأحوال الشخصية رقم 51 لسنة 1984، حيث أصبح الحد الأدنى لعقد الزواج 18 عامًا، مما يمنع توثيق أي عقد زواج لمن لم يبلغ هذا السن.
أكدت المذكرة الإيضاحية أن هذا القرار يستند إلى دستور الكويت الذي ينص على حماية الأسرة والأمومة والطفولة، ويتماشى مع التزامات الدولة الدولية، خاصة اتفاقية حقوق الطفل التي تعرّف الطفل بأنه من لم يتجاوز الثامنة عشرة، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي تشجع على تحديد حد أدنى للزواج يضمن الموافقة الحرة والكاملة للزوجين.
الاسباب الحقيقية لرفع سن الزواج فى الكويت إلى 18 عامًا
جاء قرار رفع سن الزواج في الكويت إلى 18 عامًا ضمن مجموعة من الإصلاحات القانونية التي تهدف إلى حماية الطفولة وتعزيز الاستقرار الأسري. وقد استندت هذه الخطوة إلى عدة أسباب جوهرية تتعلق بالجوانب الاجتماعية والقانونية والاقتصادية، أبرزها:
1. حماية الطفولة ومنع الزواج المبكر
الزواج المبكر قد يؤدي إلى أضرار نفسية وصحية واجتماعية، خاصة بالنسبة للفتيات، حيث تزيد احتمالات تعرضهن لمشكلات صحية خلال الحمل والولادة، إضافة إلى حرمانهن من التعليم وإمكانية تحقيق الاستقلال الاقتصادي.
2. التماشي مع الاتفاقيات الدولية
الكويت ملتزمة بالعديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية، مثل:
- اتفاقية حقوق الطفل التي تعرّف الطفل بأنه أي شخص لم يبلغ 18 عامًا.
- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التي توصي بتحديد حد أدنى للزواج يضمن الموافقة الحرة والكاملة للزوجين.
3. تعزيز الاستقرار الأسري
تشير الدراسات إلى أن الزواج المبكر يزيد من معدلات الطلاق والمشاكل الأسرية، حيث يكون الأزواج غير مستعدين نفسيًا أو اقتصاديًا لتحمل مسؤوليات الزواج.
4. ضمان الحق في التعليم
الزواج المبكر قد يؤدي إلى انقطاع الفتيات عن التعليم، مما يحد من فرصهن في تحقيق مستقبل مهني واستقلال اقتصادي. رفع سن الزواج إلى 18 عامًا يساعد في توفير الفرصة الكاملة للتعليم قبل اتخاذ قرارات مصيرية.
5. مكافحة الإكراه في الزواج
في بعض الحالات، يكون الزواج المبكر نتيجة ضغوط اجتماعية أو أسرية، مما يتعارض مع حرية الشخص في اتخاذ قراره بنفسه. القانون الجديد يهدف إلى تقليل هذه الظاهرة وضمان حرية الاختيار.
6. التكيف مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية
في ظل التغيرات الاقتصادية، أصبح من الصعب على الشباب تحمل تكاليف الزواج والمسؤوليات الأسرية في سن صغيرة. رفع سن الزواج يساعد في ضمان استقرار أكبر عند اتخاذ هذه الخطوة.
قرار يعكس تطور المجتمع الكويتي
يعد رفع سن الزواج خطوة مهمة نحو تعزيز المساواة بين الجنسين وحماية حقوق الأطفال والشباب، مما يعكس تطور القوانين الكويتية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع الحديث.
زيادة الدية الشرعية إلى 20 ألف دينار وفقًا للمتغيرات الاقتصادية
أقر المرسوم بقانون رقم 8 لسنة 2025 تعديل المادة 251 من القانون المدني، حيث تم رفع قيمة الدية من 10 آلاف دينار إلى 20 ألف دينار، لتتماشى مع ارتفاع الأسعار والتغيرات الاقتصادية، مما يضمن تعويضًا أكثر عدالة لأسر الضحايا.
أوضحت المذكرة الإيضاحية أن هذا التعديل يعكس الواقع الاقتصادي الحديث ويعيد التوازن إلى قيمة الدية الشرعية التي كانت تقدر وفقًا لقيمة 100 من الإبل، مع مرونة في تعديلها بالنقود وفقًا لأوضاع السوق.
إلغاء المادة 153 من قانون الجزاء: خطوة تاريخية نحو حماية المرأة
في خطوة طال انتظارها، أُلغيت المادة 153 من قانون الجزاء التي كانت تتيح تخفيف العقوبة لمن يرتكب جريمة قتل بحق زوجته أو أحد أقاربه الإناث بدعوى الدفاع عن "الشرف".
أشارت المذكرة الإيضاحية إلى أن هذه المادة كانت تتعارض مع الدستور الكويتي الذي يضمن المساواة بين جميع المواطنين في الكرامة الإنسانية والحقوق، كما أنها لا تتماشى مع التزامات الكويت الدولية في مجال حقوق الإنسان.
سد الفراغ القانوني في محاكمة الوزراء وتعزيز مكافحة الفساد
كما تم تعديل قانون محاكمة الوزراء بإضافة الجرائم المنصوص عليها في قانون إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد، لضمان محاسبة المسؤولين الحكوميين المتورطين في قضايا الفساد، مما يعزز الشفافية والنزاهة في الدولة.
ميزة جديدة: تشديد العقوبات على الزواج القسري
ضمن هذه الإصلاحات، تم إدراج عقوبات جديدة لمواجهة الزواج القسري، بحيث يعاقب كل من يجبر فتاة أو فتى على الزواج دون رضاهم بالسجن والغرامات المالية، مما يعزز حرية الأفراد في اتخاذ قراراتهم الشخصية.
إصلاحات قانونية تعكس تطور المجتمع الكويتي
تمثل هذه القوانين نقلة نوعية في التشريعات الكويتية، حيث تعكس التزام الدولة بتطوير القوانين بما يتماشى مع المعايير الدولية لحماية حقوق الإنسان وتعزيز العدالة الاجتماعية. ومع استمرار هذه الإصلاحات، تتجه الكويت نحو مستقبل أكثر إنصافًا لجميع أفراد المجتمع.