معي مبلغ ثابت من المال فهل أزكي عليه كل عام أم مرة واحدة فقط؟
هل تجب الزكاة على نفس المال كل عام
نعم، تجب الزكاة على نفس المال كل عام كلما حال الحول على هذا المال. وهذا الأمر ينطبق على المال المدخر وكذلك على مال التجارة. فالمال المدخر يزكى كل عام كلما حال عليه الحول وكذلك مال التجارة يزكى كل عام كلما حال عليه الحول أما المحصولات الزراعية فتزكى عند الحصاد ولا تعاد زكاتها إذا بقيت لدى صاحبها أكثر من عام، والفرق أن زكاة المال المدخر ربع العشر وزكاة الزروع والثمار العشر.
ولا خلاف بين أهل العلم من السلف والخلف في وجوب تكرار إخراج زكاة المال الذي بلغ النصاب كل عام كلما حال الحول. إلا ما حصد من المحصولات الزراعية، فإنها لا زكاة فيها وفقًا لعامة أهل العلم، إلا مرة واحدة، ولو بقي المحصود سنين. واتفق اهل العلم على أن الزكاة تتكرر في كل مال عند انقضاء كل حول، إلا الزرع والثمار، فإنهم اتفقوا أن لا زكاة فيها إلا مرة في الدهر فقط. [1]
هل تتكرر الزكاة على نفس المال
نعم، تتكرر الزكاة على نفس المال. فالشخص الذي يملك مال وهذا المال قد بلغ النصاب وجب على الشخص زكاة هذا المال كلما حال الحول على المال. فلو كان لدى الشخص خمسة آلاف في السنة الأولى، زكاها، فإن بلغت عشرة آلاف في السنة الثانية زكى العشرة كاملة، وهكذا. والزكاة تكون على جميع المال المدخر، وليس على مال السنة فقط.
والزكاة تتكرر بتكرر الأعوام على الأموال من الذهب والفضة ونحوها باتفاق اهل العلم من السلف والخلف. ودليل ذلك هو عمل الأمة من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوما هذا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة وجامعي الزكاة إلى القبائل والبلدان ، ولم يكونوا يفرقون بين ما أدي زكاته العام الماضي وما لم يؤد ، بل كانوا يأخذون الزكاة على كل ما هو موجود بأيدي الناس من أموال زكوية. [2]
زكاة المال الثابت الذي لا يزيد
المال الثابت إذا بلغ النصاب تجب عليه الزكاة كل عام كلما حال الحول على هذا المال ما لم ينقص عن النصاب ولو كان هذا المال ثابت لا يزيد. لأن الزكاة واجبة في الأثمان من ذهب وفضة وما يقوم مقامهما كالنقود في الوقت الحالي وإن لم يكونا ناميين حقيقية وذلك لتحقق القابلية للنماء.
وقد اتفق أهل العلم على أن الحلي الذي تدخره المرأة لغير زينتها تجب فيها الزكاة. والمقصود بالنماء أو بقابلية النماء في الشرع هو نوعان حقيقي، وتقديري، فالحقيقي الزيادة بالتوالد والتناسل والتجارات، والتقديري تمكنه من الزيادة بكون المال في يده أو في يد نائبه.
وقد ورد عن أهل العلم في ذكر ما تجب فيه الزكاة والنقدان أي الذهب والفضة ولو غير مضروبين لا لتحاقهما بالناميات بتهيئتهما للإخراج دون غيرهما من الجواهر غالبا والتجارة لما فيها من النماء.
ولذلك فما دام مال الشخص تحت تصرفه فهو مال زكوي لأنه إما نام بالفعل، وإما قابل للنماء بطبعه، ومن هنا تجب فيه الزكاة بمرور الحول الهجري، والزكاة قدرها 2.5 بالمائة. وإن لم تكن أديت زكاة السنوات السابقة وجب احتسابها وإخراجها عما سبق. [3]
زكاة المال الذي يزيد وينقص
المال الذي يزيد وينقص تجب عليه الزكاة متى ما توافر فيه شرطان هما أن يبلغ النصاب وأن لا ينقص عن النصاب مدة حول كامل. فإذا بلغ نصابا وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة، ومقدارها ربع العشر، أي 2.5 %، وإن بلغ نصابا ولم يحل عليه الحول فلا زكاة عليه حتى يحول الحول، ومتى نقص عن النصاب انقطع الحول ولا زكاة عليه.
والنصاب هو ما يساوي خمسة وثمانين جراما من الذهب، أو خمسمائة وخمسة وتسعين جراما من الفضة، فأيهما ساوت النقودُ فقد بلغت النصاب. ولا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول أي حتى يمر عليها سنة قمرية كاملة. ولو أنفق الشخص بحيث نقص عن النصاب قبل أن يحول عليه الحول فليس فيه زكاة.
حكم من يتكاسل عن إخراج زكاة المال كل عام
في حال التكاسل عن إخراج زكاة المال لأكثر من عام فالشخص آثم في تأخير الزكاة لأن الواجب على المرء أن يؤدي الزكاة فور وجوبها، ولا يؤخرها، والواجب أن يؤدي الزكاة كل عام ولا يجوز التأخير. قال تعالى في سورة البقرة: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ). والأصل في الواجبات وجوب القيام بها فورًا. أقيموا الصلاة في وقتها، وآتوا الزكاة في وقتها.
والله تعالى توعد في القرآن الكريم الذين يكنزون الذهب والفضة، ولا ينفقونها في سبيل الله أنهم موعودون بالعذاب الأليم، قال تعالى في سورة التوبة: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ). هذا جزاء من بخل وتكاسل عن الزكاة، ولم يخرج حقها، كل مال لا تؤدى زكاته، فهو كنز، يعذب عليه صاحبه يوم القيامة.
وفي الحديث الصحيح: (أن الذين لا يؤدى الزكاة يوم القيامة يعذبون، تحمى عليهم تلك الأموال من الذهب والفضة، وما يقوم مقامها، فيعذبون بها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وصاحب الإبل والبقر والغنم يبطح لها بقاع قرقر تمر عليه تطؤه بخفافها وأظلافها، الإبل بخفافها، والبقر والغنم بأظلافها، تنطحه البقر والغنم بقرونها، وتعظه الإبل بأفواهها، كلما مرت عليه أخراها؛ عادت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة).
ولذلك فالشخص يأثم بتأخير الزكاة وعلى الشخص أن يتوب إلى الله من هذه المعصية، وأن يبادر الآن بإخراج الزكاة عن كل ما مضى من السنوات ولو كان نفس المال من سنوات لا يزيد، ولا يسقط عن الشخص شيء من هذه الزكاة، بل عليه أن يتوب ويبادر بإخراج الزكاة حتى لا يزداد إثماً بالتأخير.